السيدة (ن) وزيرة
كل الاشياء الطيبة في هذه الحياة لابد أن تكون صلبة في ليونة أولينة في صلابة..ابتداءا من النهد المثير وانتهاءا بالكرسى المريح..وهذه المرأة ناشفة كقرن الخروب..لاماء يتفجر من حجارة جسدها الهزيل..وأراهنكم بأن البيت الذى نشأت فيه كان يخاصم الشمس والعصافير..وأراهنكم أيضا بأن والدها كان رجلا جلفا ولم يحدث ذات مرة بأن دخل علي أهل بيته بكيس برتقال..وأراهنكم أخيرابأنها تخطت مرحلة المراهقة دون أن ينظر لها شاب نظرة حب أو اشتهاء..ولكنها مسئولة عن تلك الكراهية التى تحاصرها كمعطف..ومسئوليتها تبدأمن ذلك اليوم الذي اتخذت فيه قرارا بأن تنطوي علي نفسها وعلي قبحها وعلي تعاستها الحقودة..اليوم الذي وقفت فيه أمام المرآة وأقسمت بأغلظ الأيمان بأن تجعل العالم أشد قبحا من وجهها وأكثر سوادا من قلبها..ورحلة صعودها الاجتماعي بدأت من قدرتها علي إثارة شفقة الآخرين عليها..من قدرتها علي إقناعهم بأنها امرأة جادة ومستقيمة وجدعة..يقولون في الأمثال القديمة بأن كل ذي عاهة جبار..والدمامة هي سيدة العاهات بلا منازع.. وبسلاسة شديدة نالت رضا رؤسائها..متعة أن يجد الانسان الضعيف من هو أضعف منه ..وان يجد القبيح من هو أكثر منه قبحا..وهذا كان سر قوتهاالذي لم يدركه أحد غيرها..في وجودها شعر زملائها ورؤسائها بالطمأنينة ..وأدركت هي ذلك..وكان هذا يملأها إصرارا بأن تجعلهم يدفعون الثمن غاليا..نجاحاتها الصغيرة لم تلفت انتباه أحد..هل تتذكرون قصة الأرنب والسلحفاة حينما دخلا في سباق ..هذه القصة تخبرنا كيف يصل معدومو القدرات إلي المقدمة..السر هو استهتار الأذكياء بهم..تسألوني لماذا ترتدي السيدة (ن) هذا الزي البالي المهلهل رغم مرتبها الذي يصل إلي عشرات الألاف شهريا؟وأقول لكم لعدة أسباب..الأول انها لاتريد أن تلفت انتباه أحد إليها..كالشحاذ الذي يخشي أن يظهر أثر النعمة عليه فيتوقف سيل الأحسان..الثاني أنها لاتريد أن تري مسحة من جمال علي نفسها ..الجمال هو عدوها اللدود ولا تحتمل أن تضع يدها في يده بعد ان ماتت احلى سنوات عمرها في حروبها معه..الثالث أنها زهدت كل اللذات إلا لذة الانتقام..الانتقام من هذا العالم الكريه الذي حرمها من أغلي ما فيه.. أن يحبها أحد..أن تضع رأسها علي صدر رجل يحبها وتبكى ..هذا البكاء الذي يغسلنا من غبار الوحدةوالاغتراب والألم..تسألوني وهل تعامل هذه المرأة أولادها –فلذات أكبادها- بمثل ما تعاملنا به؟وأقول لكم بكل تأكيد نعم..فكل إناء ينضح بما فيه..وهذه المرأة لاتملك إلا الكراهية والاحتقار لنفسها قبل الآخرين..المشاعر التى تعطيها لغيرك هي نفسها التي تعطيها لذاتك..واللغة التى تخاطب بها غيرك هي نفس اللغة التى تخاطب بها ذاتك..هل تخلو السيدة (ن) من ذرة خير؟؟ بالتأكيد لا..أحيانا ما تكتشف بأن الدنيا لم تكن بهذا القبح الذي رأته بها..ولكنها وصلت إلي مرحلة من الدناءة لايمكنها التراجع عنها..لذا فهي تعتبر ومضة النور فكرة طفولية سخيفة ومضحكة..التراجع معناه أن تعود إلي نقطة الصفر..بل وما قبل الصفر أيضا.. أن تتخلي عن كل مكتسباتها..وستكون في نظر نفسها وفي نظر الآخرين مجنونة رسمي ..في كل ما سبق حدثتكم عن البذرة ويبقى الحديث عن التربة والمناخ التى تنمو فيه..أقصد المجتمع الذي يسمح لانسان كالسيدة (ن) أن يصبح أحد نجومه..هو مجتمع يكره الحياة ويعتبرها عبئا ثقيلا.. المطلوب فقط أن تمضى الايام ..هو مجتمع يكره المغامرة والتحريض علي التفكير..لأن الهدف واحد..لكى تحصل على احترام الناس لابد أن تكون أفضل منهم..أفضل منهم ماديا..أن تقتني السلع التى يعجزون عن اقتنائها..أن تفطر قلبهم دائما ..كأن تقيم فرحا لنجلك بمبلغ يعجزون عن كسبه بعد عشر سنوات من العمل المتواصل..لذا لكي تنجح في هذا المجتمع ضع عقلك جانبا وتعلم كيف تكون خبيثا وموالسا ومذلا ومذلولا ومخيفا وخائفا وصديقا وكذوبا وعدوا وحبيبا..انتبه ياصديقى انت في مجتمع توظيف أموال وتوظيف مشاعر..والسيدة (ن)اتقنت لعبة توظيف المشاعر..الكل كان يحاول..ولكن المجتمع في هذه اللحظة التاريخية كان في حالة وفاق معجز مع مؤهلاتها..مجتمع كفر بكل أحلام الستينات المغرقة في المثالية بعد الهزيمة المروعة..مجتمع محبط يائس قرر أن ينتحر علي طريقة البنت الطيبة التى فقدت عذريتها إثر خديعة فقررت أن تحترف الدعارة..الدعارة التى همست في أذنها بأنها الطريق الوحيد المتاح..كم أثلج صدري حين علمت ياأصدقائى أنكم في لحظة مقدسة انهلتم على رأسها بالأحذية..فهي أحد الكائنات التي تستحق ذلك بالتأكيد..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق