ثورة يناير..ماتحاولش تفهم
1
يحلو لي كثيرا أن أفهم ما يحدث في مجتمعنا المصري من خلال السينما ..بأفلامها الهامة والتافهة علي حد سواء..وما يحدث الآن يدعو للإرتباك والحيرة..ومن أكثر المشاعر ألما أن يجد الانسان نفسه عاجزا عن الفهم..الفهم الذي يجعلك تتخذ موقفا
ينشرح له صدرك ويطمئن له قلبك ..ومن ثم تستطيع مواصلة حياتك هاديء البال..والسؤال الذي أرقني كثيرا
هل الفيس بوك هو سبب هذه الثورة؟؟
نعود إلي السينما
في عقد التمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي كانت هناك حالة ركود شديد في السينما..فالافلام المنتجة لاتكاد تتخطى العشرة أفلام..وبحلول عام 1997 تم عرض فيلم فقير إنتاجياوفنيا دون أن تسبقه أي دعاية تذكروحقق الفيلم ايرادات خيالية.. الفيلم هو أسماعيلية رايح جاي بطولة محمد فؤاد ومحمد هنيدي..
والسؤال مالذي جعل الشباب المصري ينزل الي السينما في مختلف الاقاليم في نفس التوقيت لكى يشاهد هذا الفيلم..رغم عدم وجود فيس بوك ولا تويتر ولا حتي موبايلات..ومن بعد هذا الفيلم بدأت موجة أفلام الشباب وكوميديا الشباب والنجوم الشباب ..وانتعشت السينما المصرية علي الاقل علي مستوي الصناعةوان لم يحدث انتعاش علي مستوي الجودة الفنية لاسباب لاداعي لذكرها الان.. ومن بعد هذا الفيلم بدأنا نسمع عن الملايين التي يتقاضاها النجوم من مطربين وممثلين ونجوم كرة..ومن بعد هذا الفيلم بدأنا نسمع عن شرم الشيخ ومارينا بصورة ملحوظة في الشارع المصري..صناع الفيلم لم يتوقعوا أبدا ان يحقق هذا النجاح المعجز الذي تخطى أحلامهم..أذن كانت هناك تراكمات في باطن المجتمع لم يلحظها احد ثم فجأة ظهرت بهذه الصورة..كانت هناك تنمية اقتصادية تتم وفجأة أدت الي المزيد من التنمية..العدد الغفير الذي نزل يشاهد الفيلم دفع ثمن التذكرة عن طيب خاطرمقابل ان يضحك ضحكا جديدا من ممثلين أقرب الي ملامحه في هذه الفترة..محمد هنيدي وفؤاد..هذان النجمان ذوي ملامح شريحةالطبقة الوسطى الدنيا.. اردت ان اقول باختصار..ان اي مجتمع لكي يستمر لابد ان تتجدد دماؤه كل فترة..وان اللاوعي الجمعي يتواصل دائما سواء وجد الفيس بوك اولم يوجد..
2
هل هذا معناه انك تنكر دور الفيس بوك؟؟
بالطبع للفيس بوك دور خطير..العالم بعد ان عرف الزراعة غيره قبلها..فالزراعة هي التى حولت القبائل الي دول..والعالم بعد الثورة الصناعية غيره قبلها..الثورة الصناعية هي التى ادت الي
-ان تصبح الدولة كيانا شديد التعقيد فهي التى خلقت الرأسمالية الحديثة وظهور الحركات العمالية وفكرة النقابات وبالتالي فكرة البرلمانات والدساتير بمعناها الحديث ايضا..
- الاستعمار للحصول علي مواد خام وايجاد اسواق لتصريف المنتجات
3
العالم بعد ثورة الاتصالات
ستنتهي فكرة الحاكم الدكتاتور..لماذا؟؟لأن المعلومات اصبحت متاحة للجميع ولم تعد حكرا علي طبقة معينة..فالدكتاتور لكي يوجد لابد ان يوجد مجتمع مغلق يستطيع السيطرة عليه من خلال حكومته بمختلف وزاراتها فهو يستطيع التحكم في المعلومات التي يريد لشعبه الايعرف غيرها ويعبد الله بالطريقة التي لاتهدد عرشه
وهكذا..تأملوا مثلا العلاقة بين المدرس والطلبة والاب والابن والطبيب والمريض قبل ثورة الاتصالات وبعدها..كانت علاقة دكتاتورية بكل معني الكلمة ..
فهناك الطرف الذي يعرف مصلحة الطرف الاخر أكثر منه..الان بالمعلومات المتاحة يستطيع الطالب ان يتفوق على الاستاذ ان توافرت لديه الهمة ويستطيع المريض ان يعرف معلومات عن مرضه لايعرفها طبيبه ..وهكذا..
4
مستقبل رجل الدين
قبل ثورة المعلومات كان رجل الدين عبارة عن مؤسسة ..العاقرتذهب إليه وتستشيره بدلا من اسنشارة طبيب..وعندما يقوم زلزال يلجأالناس إليه للفهم بدلا من اللجوء إلي عالم جيولوجيا..وعندما تقوم حرب ينتظر الناس رأيه بدلامن محلل سياسي..الوضع الآن اختلف..في الفترة القادمة سيقتصر دور رجل الدين علي التوجيه الروحانى والاخلاقي ..ومابعد ذلك فأنتم أعلم بشئون دنياكم..
5
الاخوان المسلمون الي اين؟؟
ستتفكك جماعة الاخوان المسلمون بالشكل التي توجد عليه الآن..إذ ان فكرة الزعيم الملهم قد تلاشت الي غير رجعة ولم يعد لها محل من الاعراب ..انتهت فكرة السمع والطاعة ..القرآن موجود ومئات التفاسير موجودة ..ويستطيع المسلم ان يختار التفسير الذي يطمئن اليه..الاختلاف رحمة..
6
رئيس الدولة القادم؟؟
موظف وليس زعيما ملهما..يخضع لقانون الدولة كغيره من المواطنين..الممارس العام الشاطر لايشترط ان يفهم في كل التخصصات..العبقرية ان يعرف كيف يحيل الحالة للإخصائى القادر علي التعامل معها..
7
سأل احمد زويل مهاتير محمد
كيف جعلت ماليزيا تتقدم؟؟
أجاب: جعلت الشعب الماليزى يفكر في المستقبل
8
كيف تحدث الثورات؟؟
علي عكس ما يعتقد الكثيرون لكي تحدث ثورة لابد ان يسبقها حراك اقتصادي وحراك ثقافي والذي يغري المجتمع بالمزيد..
في الخمس سنوات الاخيرة شهدت مصر حراكا ثقافيا متميزا
فالشباب عادوا الي القراءة وحققت الكثير من الكتب رواجا هائلا وزاد عدد دور النشر وحفلات التوقيع وزاد ت عدد جرائد المعارضة وبرامج التوك شو والقنوات الخاصة وزاد عدد المشتركين في النت وزاد الاقبال علي السينما مما ادي الي افتتاح المزيد من دور العرض وكثر عدد الافلام التي تنتقد اداء الحكومة
وعلي المستوي الاقتصادي تحسنت احوال معيشة المصريين عن ذي قبل وزاد عدد المستشفيات الخاصة التي تتقاضي اموالا طائلة ومع ذلك تلقي اقبالا شديدا وبالمثل المدارس الخاصة وانتشرت الدروس الخصوصية في الجامعة رغم التكلفة المادية العالية وزاد عدد مالكي السلع المعمرة من تلفزيونات وثلاجات وتكييفات واجهزة كمبيوترولكن في نفس الوقت كانت تزداد الفجوة بين الاغنياء والفقراء اتساعا رهيبا
والغني والفقر موضوع نسبي
فحين تملك محمولا ب100جنيه بينما يملك زميلك اخر ب5000 جنيه ستشعر حتما بالالم..
نعم تحسنت الاحوال ولكن بالمهانة وبالفهلوة وبالرشوة وبالشحططة في بلاد الخليج والغرب والغرق في العبارات
نعم تحسنت الاحوال ولكن المدرس كان يعمل جرسونا في كافيه والطبيب يعمل في مستوصف يملكه تاجر فاكهة وخريج الحقوق يعمل صبي نقاش وخريج التجارة يفتتح محل موبايلات بينما مذيع يأخذ عن الحلقة 200 الف جنيه وممثل يأخذ عن اعلان 13مليون جنيه وممثلة تأخذ مليون جنيه عن كل حلقة من مسلسل تافه
نعم كان هناك حراك علي كل المستويات ولكن كان هناك ظلم فادح وسرقة لأموال الدولة عيني عينك وضرائب تكادتفرض علي الهواء الذي نتنفسه وفساد ازكمت رائحته انف الشيطان نفسه...
9
ماذا تعني السياسة؟؟ للأسف مازال الكثير من الشعب المصري يصدر حكمه علي اي رئيس من خلال ماكتب من مذكرات او ماكتبه القريبون منه ..والتقييم الصحيح لأي سياسي هو ان تسأل
مالذي حدث للتعليم في عهده؟
مالذي حدث للصحة؟؟
ماهي القيم الاخلاقية التي سادت؟
مانوع الاغاني التي سادت ؟؟وهل كان يعمل علي تدعيم الاغاني التي ترقي بالشعب ام لا؟
كيف تعامل الاقليات ؟
ماعدد الافلام المهمة التي انتجت في عهده؟
ماهي وسيلة الحراك الاجتماعي ؟هل التعليم والعمل المنتج الشريف ام الكوسة والمحسوبية والفهلوة واللعب بالبيضة والحجر؟؟
كيف يعامل الشعب عندما يسافر الي دولة اخري؟
ماهي الكتب التي كتبت وستبقي للأجيال القادمة ؟؟وهل اهتم بهذه الكتب ام حاربها ام لم يهتم بها؟؟وكيف كان يعامل المفكرين والعلماء المعاصرين له؟
ومن حسن الحظ ان هذه الاسئلة اجابتها واضحة ولا تعتمد علي نوع النبيذ الذي يحتسيه كل من يكتب لنا مذكرات سياسية تعمل علي تضليل الحاضر كما شوه كاتبوها الماضي من قبل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق