شيء لأتذكرك به
لا أعرف سر رحيلك المفاجيء..وصمتك الرهيب..وجالدا ذاتي أتساءل كيف فاتني أن أري نوايا السفر في عيون الأشرعة..وأحزمة الحقائب..وكأن الغياب لايأتي إلا بعد طول اقتراب..وطول فرح..ليكون الحزن تكفيرا عن كل أمسيات البهجة..وأغنيات الأمل..وساعات اللقاء..وعبثا أفتش تحت وسائد قلبي ..وفي أدراج عذابي عن رسالة شافية لغليلي..ولا فائدة..مازال الجرح مفتوحا..وأبواب السماء مازالت مغلقة..والليل شامت..والفجر صامت..وأنا وحدي أصرخ..وأستغيث..ثم أنهار..وأهمس ..ثم أنهار ..وأبكي..هل تصدقين كل هذا الكلام الفارغ ؟؟..وهل كنت تتوقعين مني أن أحبك بتلك الطريقة المائعة والزائفة؟؟..لكي أكون فارس أحلامك المعتوه..لا ياصديقتي ..فأنا واضح كالشمس..وصريح كالبحر..ودوغري كأولاد البلد..وفي لقائنا الأول كشفت كل أوراقي..وأخبرتك بقناعاتي في الحب ..والزواج..والحياة..قلت لك بأن الحب الأبدي لايعنيني..وأنني أنتقل من امرأة إلي امرأة..كما تنتقل النحلة من زهرة إلي زهرة..وكما ينتقل الشاعر من قصيدة إلي قصيدة..وكما ينتقل المطر من سحابة إلي سحابة..ولكنني لا أقرأ كتابين في وقت واحد..وقلت لك بأنك أجمل امرأة عرفتها..ولم أكن كاذبا ..أو مجاملا..فمع الوقت ازدادت خبرتي في معرفة المعادن النفيسة بمجرد النظر..وكان لك مطلق الحرية في الاستمرارأو الرجوع..ولما كنت شغوفة بالمقامرة..والمغامرة..وارتياد المجهول..فقد اخترت الاستمرار..ممتلئة بالفضول..وحب الاستطلاع..وكان لديك أمل غامض ومتوحش في إصلاحي..ولكنك لم تندمجي في اللعبة..وكنت متفرجة أكثر منك لاعبة..كأخصائية اجتماعية تراقب مسجونا..لتكتب تقريرا مفصلا في النهاية عنه..
والحياة لاتكون هكذا..لاتكون من خلف نافذة..أو تلسكوب..أو خرم باب..ولا من فوق مقصورة..ولامن تحت سرير..الحياة اشتباك..ولعب بالنار.. والتراب.. والأسلحة البيضاء..هذا إذا أردت أن تكتسبي خبرة ذات قيمة..وذكري ذات عنفوان..وحبا يظل حيا فيك حتي بعد أن تموتي..لأنه حب بلا أوهام ..ولا أكاذيب..ولا وعود..ولا مستقبل..حب يشرب من كأس اللحظة الحاضرة حتي الارتواء..والانتشاء..حب لايؤجل سعادة اليوم إلي الغد..ولايفقد عصفورا في اليد من أجل عشرة عصافير علي الشجرة..ولكنك مازلت أسيرة قصائد ساذجة..وأفلام بلهاء..وروايات مريضة..وغدا ستفهمين كلامي..عندما تصلين إلي نهاية الرحلة..وتجدين السراب..والخواء..والندم..وتكتشفين أن المتعة كانت في الرحلة..وأن السعي إلي الوصول هو الوصول..وأن حبي العابر لك كان حقيقيا أكثر من أحلام يقظتك الدائمة..بعناد أحمق رفضت الخروج معي..واكتفيت بعلاقة هاتفية مشوهة..كالذي يتوهم أن الفرجة علي فيلم في التلفزيون لها نفس متعة الفرجة في السينما..مادامت النتيجة واحدة..وهو معرفة قصة الفيلم..نعم ..قد لاتختلف حواراتنا كثيرا في كافيه ..أو في حديقة..أو علي ظهر مركب..ولكنك تناسيت أنك رحلت ..دون أن تتركي خلفك شيئا أتذكرك به..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق