الاثنين، 16 مايو 2011

باب موارب

الباب الموارب


1

شديد العناد..ولايريد أن يتغير..وعندما يخاصم أحدا يعتبره غير موجود..ولايعود يذكره..أو يراه..أويفكر في مصالحته..حدث هذا مع الكثير من أصدقائه..وآخرهم (عمرو)ابن خالته علياء..الذي كان يرافقه كظله..وأسأل زوجتي
- هو الواد (عماد) فين..
فيكون ردها الروتيني
- مع عمرو
وأقول لها مازحا
- ابنك غريب قوي..لما يحب حد يعبده..ولما يكره ياحفيظ
- كله انت ..مش جايب حاجة من برة..
في نهاية ذلك اليوم عاد مكفهر الوجه
- مالك ياعمدة..بوزك ممدود شبرين قدامك ليه..عمرو زعلك
- ماحدش في الدنيا يقدر يزعلني..
قالها بكبرياء جريح..وتركني ودخل إلي غرفته..

2

لم يعرف التدخين في مراهقته..ولا البنات..ولاالسهر..لم يعرف سوي المذاكرة..والصلاة..وقراءة القصص البوليسية..وإعجابا بأدهم صبري(بطل سلسلة رجل المستحيل) أحب لعبة الكاراتيه..وفي ظرف عام واحد حصل علي الحزام الأسود..وعندما ظهرت نتيجة الثانوية العامة كان مجموعه يؤهله لدخول كلية من كليات القمة..ولكنه فضل الشرطة..ولأني مدرس عجوزفقد كنت علي علاقة ببعض ضباط الشرطة..الذين كانوا في يوم ما تلاميذي..وتوسطت له..ودخل..وازداد غرورا علي غروره..وتخيلته ضابطا قاسيا لاقلب له كهؤلاء الذين نسمع عنهم..وسألت الله ألا يرد القضاء ولكن أن يلطف فيه..


3
استلم العمل في أحد أقسام شرطة القاهرة..وزرته ذات مرة فوجدته محبوبا جدا من رؤسائه ومرؤوسيه..كانت معاملتهم الطيبة لي تشي بذلك..وسألته عن السبب ونحن نتناول فنجالين من القهوة في الشرفة ذات أمسية خميس فقال لي بلهجة لم أسترح لها
- يابابا..في التعامل مع الناس لازم يبقي الباب موارب..
فقلت له لأتأكد من ظنوني
- ولكن عملك لايناسبه هذا الأسلوب..
فقال
- لامكان للشرف في هذا الزمان..والضباط ليس لهم أبواب رزق أخري..سوي أن يكون لهم آباء يجلسون علي تل ذهب..

- ضميرك مستريح

- عذاب الضمير يأتي من الخروج علي القاعدة..وأنا أفعل ما يفعله غيري..
- ألا يوجد شريف؟
- الجبان فقط..
- وماالضرر في الشرف
- ينتهي بك إلي الشحاذة..مرتب الحكومة لايكفي ثمن بدلة محترمة..
- ولكنني عشت بمرتبي..
- تقصد بالدروس الخصوصية..
- كانت عملا شريفا أيضا..
- ووساطتك لي في دخول الشرطة..كيف تراها؟
- كانت وسيلة لتحصل علي حقك..لا علي أكثر منه..
- كثيرون غيري كانوا يستحقون..
- لست مسئولا عن إصلاح الكون..علي كل إنسان أن يحارب من أجل حقه..
- والعاجزون
- لهم رب
- مبدأنا واحد..ففيم الخلاف؟؟
- في الأسلوب..
- ولكن الغاية واحدة..البحث عن خلاص فردي..
- يحزنني تفكيرك
- وفشلي سيحزنك أكثر..
- تقصد أنني مشترك في جريمتك
- بل مسئول عنها
- أحسنت تربيتك
- فلماذا تعاتبني؟
- أريد تقويمك
- سأنكسر..لأن الشجرة التي أنا فرع فيها معوجة..
والحشائش لاتقل اعوجاجا..ولكن ضآلتها تجعلها أحقر من أن ينتبه لها أحد..
- ألا يمكن أن تتوحش..وتقتلع الشجرة
- محتمل..ولكننا نبذل أقصي مافي وسعنا لمنع ذلك
- أليس في مصلحتكم اقتلاعها..
- بالتأكيد..ولكنهم سيضعوننا في خانة المجرمين..لا الضحايا..
- لماذا لاتبحث عن مهنة أخري
- ما أنيل من سيدي إلا ستي..
- هل وصل الحال إلي هذه الدرجة؟
- الرجل يقتل صديقه من أجل عشرين جنيها..والأب يغتصب ابنته..والأطباء يقنعون المريض بعملية لايحتاجها..والشيوخ يتاجرون في الفتاوي علي الفضائيات..
- كدت أن أستعوض الله فيك..لم يزل ضميرك بخير..
- مشكلتنا يابابا أن عيوننا لاتنظر إلا إلي الخارج..وغالبا ماننسي أننا نشير إلي المتهم بإصبع واحد..ونشير إلي أنفسنا ببقية الأصابع..كأنه لافساد في البلد إلا فساد الشرطة..
- ربمالأن فسادكم مدعم بالقوة..
- ومهدد أيضا بوجوده تحت الضوء.. طرفا المعادلة متساويان..ككل المعادلات في الحياة..لذا ففسادنا كفساد أي قطاع آخر في الدولة..لايزيد خطورة ولاينقص..
- عشت متمنيا إنجاب أخ لك..والآن أدرك حكمة الله..أحزانك لم تترك في قلبي مساحة لاحتمال أحزان ابن آخر..
- إن كانت بلدنا كئيبة..فالحياة جميلة..وجيلي يهرب من كوابيس الواقع إلي أحلام السينما..ومباريات كرة القدم..التفاؤل الواهم أفضل من الواقعية السوداوية..
- في تلك النقطة أنا متفق معك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق